محمد مشعل
(طالب بكلية دار العلوم للدعوة الإسلامية – توتا)
المقدمة
قد وقعت
خواطر كثيرة في تاريخ كيرلا في سياستها وثقافتها وغيرها . وكذا وقعت حروب كثيرة في
هذا الوطن لتمليك الوطن وانتشار مجال تجارتهم وأديانهم وغيرها. وكذا وقعت أيضا
حروب كثيرة خلاف البرتغاليّين في شاطئ المليبار وكالكوت في زمن السامري .وهذه
المحاربة الّتي امتدّت إلى قرن كانت بين أسرة "المركار"- قواد السامري
وبين البرتغاليّين .
فهذا
إطلاع على الذين كرّسوا حياتهم لاستقلال الوطن وجاهدوا بتضحية أنفسهم دون الموت
لسلامة النّاس والنّساء والأولاد. لا يزال يذكرون في قلوب النّاس على زهدهم لهذا
الوطن على ممرّ الدهور والأعوام.
أسرة
مركار وأصلهم
هنا
إختلافات كثيرة بين المؤرّخين في منشإ أسرة مركار ومنشإ إسم مركار.
يقول "وليم
لوكن" : إنّ "مركار" مستنبط من "مرككار" بمعنى حامل
الكتاب. هناك قول آخر بأن إسم مركار مأخوذ من مركب بمعنى الرّاكبون في السفينة.
ويقول كي وي كرشنمينون : إنّ أصل أسرة مركار هو "فناني "
وهم خلف العربيّين . وفي قول آخر هم كانوا مستوطنين في "بندلايني"
ولما حمل عليهم البرتغاليّين هاجروا منها إلى مملكة السامري والتحقوا مع جند السامري
خلاف البرتغاليّين . وفي قول لقب كنجالي منصب مشهور للقائد الأعلى في جيش سامري .
كنجال
مركار
نرى كثيرا
من الملقبين بإسم مركار في التاريخ، ولكن الأشهر منهم كنجالي الأوّل والثاني
والثالث والرابع . وأسمائهم الحقيقة كتيالى مركار وكتى بوكر مركار وبتو مركار ومحمّد
علي مركار على الترتيب. قد انعقدت معارك كثيرة لا عدد لها بين المركاريّين
والبرتغاليّين في القرن السادس عشر، واستشهد آلاف كثيرة. فهذا نبذة عن كل واحد
منهم وفعالياتهم لوطنهم.
كتيالي
مركار
عين الملك
السامري كتيالي مركار قائدا أعلى في جيشه سنة 1507. فنظم الجيش ببصارة كسلفه على
محاربة البرتغاليّين الذين كانوا يحاربون على المركاريّين بسفن كثيرة . وفي زمن
قياده تغيّرت أساليب المعركة في البحر، واستُعملت حيل عظيمة مختلفة في تقوية القوى
البحريّة، منها حيلة هجوم العصابات أي جماعة صغيرة كامنة في البحر تتضمّن على
أربعين شعبا تثب على الأعداء المرصاد. ولم يزل الأعداء جاهلين من أي مكان يُظلمون
حتى وجبت عليهم معركة ظاهرة ضدّ المركار .
كتّي بوكر
مركّار
بعد موت
كنجال مركار الأول سنة 1531م ساد القوى البحريّة كتى بوكر مركار، وهو مشهور بمركار
الثاني، واتبع مركار الثاني سبيل مركار الأول وسيرته من الهجوم بأسلوب المعاوير .
وقعت معركة كثيرة بينه وبين البرتغاليّين منذ توليته إلى أربعين سنة . في سنة
1592م حبس البرتغاليّون في حرب قريبيه على إبراهيم وكتي إبراهيم .
فصار ذلك مصيبة على المركار الثاني . فانتقم على ذلك معركة عظيمة حتى وقع الصلح
بينهم. وحسب قانون هذا الصلح بنى البرتغاليّون قلعة لهم في تشاليم .
في نفس
العام تهيّأ جيش عظيم لإخراج البرتغاليّين . فشارك مع مركار في هذا الجيش نظام شاه
من "أحمد نكر" سلطان آشذو آدن شاه من بيجابور . فوقعت الحرب وهلكت السفن
كلها من الجانبين وبقيت سفينتان فقط من جانب مركر الثاني ولكن استشهد في هذا الحرب.
بُتُّو
مركار
وقعت بقية
هذه المعركة
في السنة التالية، وأهلك بتو مركار قلعة في تشاليم بعد توليته الرياسية البحرية ، وهذه
المعركة كانت مع اتحاد تام بين المسلمين والهندوكة. وبنى مركار حصنا في "ودكرا"
بأمر السامري. وفي العصر الحديث أيضا يعرف هذا المكان
"بكوتكل".
بعد ذلك
وقعت معركة صغيرة بين البرتغاليّين ومركار حتى فهموا أنهم لا يقدرون على هدم مركار
إلاّ بخيانته وتفريقه من السامري ومركار، حتى أنهم إفتروا بأن مركار يحاول على
بناء مملكة مستقلّة. فأوهم ذلك على السامري وفرق ذلك بينهم. لكنّ مركار العاقل
الماهر العبقريّ ذا البصير في حيلة البرتغاليّين ذكر السامري على أن ذلك كله وهم
وافتراء. ولكن لا يزيد ذلك إلا تفرقة بينهما وباعد السامري عنه وشارك مع
البرتغاليّين وأذن البرتغليّين لبناء قلعة في فنّاني. فدفع مركار لئلاّ يؤذنلهم ولكن لم يعتن به السامري وأذن لهم أن يبنوا
قلعة. لما فقدت دعمة السامري جمع مركار جند عظيما من نفسه وأتى بأسلحة في نمط
الأوربيين وفتح قواد البرتغاليّين منها "بولادمل" و
"دمنس" و"
لوي دمل".
محمّد علي
مركار
ولّى
محمّد على مركار مكانة القائد الأعلى بعد منيّة مركار الثالث. فاتّبع طريقة
متقدّميّه في المحاربة والمقاتلة على الأعداء. في هذا الزمن اشتدّ التفرّق
والعداوة بين السامري ومركار الرابع. فتهيأ مركار ببصارة لهجوم السامري
والبرتفاليّين عليهم في أيّ حين. فخرج السامري والبرتغاليّون بجيش عظيم خلاف مركار
لإعدامه وإتلاف القلعة في سنة 1599. ولكن قاوم مركار وجنده مقاومة شديدة. فزاد
الحصار وطال زمن الحصار حتى قلّت الزاد في خزانة الحصن وضعف النّاس. فقلّت شكيمة
مركار ألقى أسلحته دون السامري لا البرتغاليّين .
القتل
ممكن والغلبة محال
لما خضع
مركار دون السامري وثب البرتغاليّون على المركار وذهب به إلى
"غوا"، وعرضه بين الناس واحتقره وحبسه في السجن. ولا يزال
مركار لا يتكلم ولم يذد ولكن خاض في ذكر الله وحده في آخر حياته. فعاملوا
به كالبهيمة وضرّسوا بأنياب الشياطين وأوطؤا بمنسم الخيل وقطع رأسه وفرّق أعضائه
عن نفسه وألقى رأسه في الملح وعرض ذلك في مدينة كالكوت وكنّور.
علي إبراهيم
مركار
هذا رجل
آخر متعلّق بأسرة مركار. وقد سبقنا أن علي إبراهيم مركار صار أسيرا في يد
البرتغاليّين حين انعقدت معركة من "كاردو"
سنة ،1592 وكان حينئذ صغيرا. فذهب به أعداء إلى "غوا".
فأنكحوه بزوجة برتغاليّة وسمّوه باسم "دون بدروه رودركس"، حين اغتيل كنجالي مركار الرابع من "غوا"
شاهد ذلك علي إبراهيم مركار بعيون ممتلئة وغضب شديد وأراد على الانتقام. فهاجر
منها إلى بلده بواسطة قارب.
نظّم علي
جيشا من بلده للانتقام والمعارضة عليهم حتى قتل من سمّاه من "غوا" باسم السلطان
البرتغاليّ "بدرو" أوّلا. وبعد تولية علي إبراهيم
القوى البحرية ما استطاع أن يقرب البربغاليّون إلى ساحل كالكوت. وأخذ مركار خمس
سفن في 1615. وبعد هذا قاموا بإرسال 58 سفنا للحمل على كالكوت. وأخذها وأهلكها
كلها هذا القائد العظيم. وأوقد 18 سفنا الّذي هاب وفرّ منه. فنستطيع أن نعدّ هذا
القائد الجليل الشجّاع ك"كنجال مركار الخامس
".
الخاتمة
هذا مختصر
عن المركاريّين الشجعان الذين قاموا خلاف البرتغاليّين .قد حارب هؤلاء الأبطال
عليهم محاربة كثيرة عديدة . ولكن العدد المعروف في التاريخ للحروب التي وقعت
بينهما سبع وعشرون معركة. فقد كانوا أوّل أسرة مشهورة في التاريخ في القوات
البحريّة في الهند. قد استقاموا على صراط أبائهم إخوانهم. زاد لله لهم شرفا على
شرفهم وفضلا على فضلهم.