تاثر نظية العامل الإعرابي بالفلسفة وعلم الكلام وأثره في تعقيد النحو


محمد فرحان أ.ك

(طالب بكلية دار العلوم للدعوة الإسلامية – توتا)



هذا البحث يتناول القضايا الهامة التي أثرت بشكل بالغ في تعقيد النحو وصعوبته، وانحرافه عن هدفه الأساسي الذي من أجله وضع وأنشئ، وهي قضية تأثر واختلاط نظرية العامل الإعربي بالفلسفة وعلم الكلام حبث خاض علماء النحو في هذه القضية متأثرين بعصرهم وعلوم فلسفته وانحاز كل منهم إلى مذهبه العقودي والفلسفي وحاول دمجد في نظرية العامل الإعرابي.

وهذا الجدل الفلسفي والحشو الذي أدى إلى زيادة النحو إبهاما وبعدا عن غايته، هو ما دفع الكثيرين من الداعين إلى تجديد علم النحو في العصر الحديث، إلى التعريض لهذه القضية المحورية ومحاولة علاجها في محاولة لتخليص النحو مما يشوبه من تعقيدات لا تفيد ولا تنفع، وسعيا إلى تجديده وتقريبه من غايته وهدفه الذي هو تقويم اللسان العربي.

يتضح مدى تأثر النحويين بالفلسفة وعلم الكلام في تناولهم لقضية العامل، بل في طرح القضية من الأساس، ومن ثم اختلافهم حولها، فنجد على سبيل المثال، ابن مضاء القرطبي، بعد أن استعرض رأي ابن جنى في نظرية العامل يعلق عليه قائلا: وهذا قول المعتزلة، وأما مذهب أهل الحق فإن هذه الأصوات إنما هي من فعل الله تعالى، وإنما تنسب إلى الإنسان كما تنسب إليه سائر أفعاله الإختيارية.

المبحث الأول: تعريف العامل

 أهميته:

1عرف الجرجاني العامل بأنه «ما أوجب كون آخر الكلمة على وجد مخصوص من الإعراب، ولكي نتعرف على أهمية مبحث العامل ومحوريته في علم النحو فينبغي أن نوضح أولا تعريف «علم النحو» وبعد ذلك سيتضح مركزية نظرية العامل الإعرابي وكذلك تعريف «الإعراب». أما علم النحو هو علم بقوانين يعرف فيها أحوال التراكيب العربية من الإعراب والبناء وغيرهما، وأما الإعراب هو «اختلاف آخر الكلمة باختلاف العوامل لفظا أوتقديرا».

من التعريفات السابقة نستنتج أنه بما أن النحو يختص بمعرفة الإعراب والبناء، ومعلوم أن الإعراب قد استغرق جل اهتمام النحاة، وبما أن الإعراب يتوقف على العامل إذا فاعامل هو القضية المحورية التي يدور حولها النحاة، ويؤكد ذلك الدكتور إبراهيم مصطفى فيقول « أكب النحاة على درس الإعراب وقواعده ألف عام، لا يعدلون به شيئا، ولا يرون من خصائص العربية ما ينبغي أن يشغلهم دونه... أساس كل بحثهم فكل حركة من حركاته وكل علامة من علامته إنما تجيئ تبعا لعامل ( الإعراب أثر يجلبه العامل) فيه أن في الجملة ويطيلون في شرح العامل وشرطه ووجه عمله حتى تكاد تكون نظرية العامل عندهم هي النحو كله، أليس النحو هو الإعراب، والإعراب أثر العامل؟ فلم يبق إذا للنحو إلا أن يتتبع هذه العوامل يستقرئها ويبين مواضع عملها.

المبحث الثاني: آراء النحاة في العامل الإعرابي:

يمكن أن نلخص اختلاف النحاة حول العامل في ثلاثة آراء:

1- ويتزمم هذا الفيق (عامل لفظي، وعامل معنوي) أن عوامل الإعراب تتمثل في الألفاظ ومعانيها: سيبويه.

2- ويتزعم هذا الفريق ويقول «أن المتكلم هو العامل»: ابن جني.

وإنما قال النحاة: عامل لفظي ليروك أن بعض العامل يأتي عاريا من مصاحبة لفظ «وعامل معنوي يتعلق به، فأما في الحقيقة» ومحصول الحديث، فاعامل من الرفع والنصب والجر والجزم إنما هو للمتكلم نفسه لا لشيئ غيره، وإنما قالوا:» لفظي ومعنوي لما ظهرت آثار فعد المتكلم بمصامة اللفظ، أو باشتمال المعيى على اللفظ».

3- أن العمل على الحقيقة كما في أي مسأة هو الله سبحانهوتعالى: ابن مضاء القرطبي.

يقول الدكتور أحمد الجوارحي: ونحن واجدون في ما بين أيدينا من كتبهم رأيين رئيسين في العامل. الرأي الأول: أن أجزاء الكلام يعمل بعضها في بعض، ويؤثر أددها في الآخر، والرأي الثاني: أن أحوال الإعراب وما يطرأ على الكلام من تغيير في أواخرها إنما هو من عمل المتكلم، هوالذي يحدثة حين يؤلف الكلام، أما مذهب ابن مضاء في العامل فعمدة كلامه في هذه المسألة أن الأصوات من فعل الله، وأن المتلم -الإنسان- لا يملك من أمرها شيئا، فهي موجودة مثل وجوده، مخلوقة مثل خلقه.

المبحث الثالث: تأثر نظرية العامل بالفلسفة وعلم الكلام:

ويعلق الدكتور شوقي ضيف في مقدمة تحقيقه لكتاب «الرد على النحاة» لإبن مضاء على سبب هجوم ابن مضاء على ابن جني وسيبويه ونظرية  العامل عموما. وتنبهت إلى أن ثورة ابن مضاء على سيبويه ونحاة المشرق إنما هي امتداد لثورة دولة الموحدين. -وكان رئيس قضائها- على فقهاء المذاهب الكبرى المشرقية: المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، وكانت تلك الدولة تعتنت المذهب الظاهري الذي ينكر العلل والأقيسة في الفقة والتشريع، ومضى ابن مضاء على هدى هذا المذهب ينكر –في إصرار- نظرية العامل ف النحو وما جرت إليه من ركام الأقيسة والعلل.

ويؤكد هذا التأثر الفلسفي، الدكتور الجوارحي بعد عرضه لمذهبي ابن جني وسيبويه في قضية العامل، فيقول: ونحن نلمح في هذا الخلاف بين رأيين ملامح الفلسفة أو التفلسفي، ونشر فيه رائحة علم كلام الذي كان له سلطان أي سلطان على عقائد الفرق الإسلامية. المختلفة، وأثر أي أثر في الفكر العربي الإسلامي، ومذهب ابن جني هو مذهب المعتزلة الذين يقولون يخلق الأفعال وأن الإنسان هو الذي يوجدها وأن له إرادة واختيارا فيما يصدر عنه من الأفعال يخالفون الذين يذهبون إلى أن الأشياء تتفاعل ويؤثر بعضها في بعض.

ويوضح أيضا هذا التأثر الكبير بالفلسفة وتغلغله في نظرية العامل، الدكتور إبراهيم مصطفى فيقول: فالنحاة في سبيلهم هذا متأثرون على التأثر في الفلسفة الكلامية التي كانت شائعة بينهم، غالبة على تفكيرهم، رأو أن الإعراب بالحركات وغيرها عوارض بالكلام تتبدل بالتبدل التركيب على نظام فيه شيئ من الإضطراد، فقالوا: عرض حادث لا بد له من محدث، وأثر لا بد له من مؤثر، ومن تأثرهم في الفلسفت الكلامية رفضهم أي يجتمع عاملان على معمول واحد، واحتجاجهم لذلك بأن إذا اتفق العاملان في العمل لزم تحصيل الحاصل فهو محال.

 

الخاتمة

 

يكاد يتفق كل الداعين إلى تجديد النحو وتيسيره وتنقيته مما يعوقه في تحقيق غايته،على أن هذا وكذلك مزج الفلسفة والمنطق وعلم الكلام بعلم النحو ومسائلا لا طائلا «العامل» الخلاف الكبير حول من ورائد، وأن ضرره أكبر من نفعه وأنه زاد النحو تعقيدا وصعوبته وأبعده عن مراده وهدفه.

«وحقا إن موضوع العامل في الإعراب هو السبب الأول الذي فرج بالإعراب عن حقيقة معناه وعن واقع وظيفته في النحو، وهو الذي خلق فيه أبوابا لا لزوم لها ولا فائدة فيها، وهو الذي عقد قواعد الإعراب تعقيدا لا مزيد عليه، وكل نظرة نافذة في النحو وأبوابه وفروعه لا بد أن تقف على هذا الموضوع: موضوع العامل، وأن تعالج أمره معالجة ترجع به إلى أصله، وتجرد منه النحو على هدى وبصريرة وإدراك للأساس الذي قام عليه وحينئذ تكون سبيله ممهدة سوية لا وعورة فيها ولا التواء، وهذا قول الدكتور الجوارحي.

ورغم أن علماءنا القدماء طوروا نحوا بالغ العمق والنضج والتعقيد، ويؤدد هذا المعنى خليل كلفت فيقول: أو ما وراء الإعراب، من جانب وعلى «الميتا-إعراب»- خاصة بمقاييس زمنهم- إلا أن التركيز البالغ على الإعراب ذاته من جانب آخر، أهدر إمكانات المزيد من إنضاج المفاهيم العميقة التي توصلوا إليها. فيقول «آفة اللغة هذا النحو»، وأخيرا أنادي بما نادى به الشيخ علي الطنطاوي فلماذا لا نجرد من النحو القواعد الثابتة التي تحفظ هذه اللغة التي نستعمدها، وتقوم تلك اللهجة التي نلهجها وندع ذلك الطم والرم المؤرخي الأدب وفقهاء اللغة.

وبأجد توفيق الله سبحانه وتعالى تم تفتيش في موضوع نظرية العامل في علم الكلام والفلسفة، فشاورنا مذا يراد بهذا البحت في بيان قصير ثم عرفنا نظرية العلم وعلم أصول النحو وعلم أصول النحو وعلم الكلام والفلسفة، وبعد ذلك قصينا نظرية العامل بعلم الكلام والفلسفة في ثلاثة مباحيث. فالله يقبل هذا العمل وينفع ببحث للطلاب المجتهدين. 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال