قلوب الراحمين


محمد أنزل

(طالب بكلية دار العلوم للدعوة الإسلامية)


 طفق رجل شاحب نحيل اسمه «طلحة المكي» سفره من مدينة بغداد إلى فرمى، فجاوز يوم وليلة، حتى وجد إلى مدينة لم يعرف اسمها وموقعها من البلاد، والناس ينظرون إليه، وهم يتلذذون بالشراب من الثريد، فرأوا رجلا راكبا على الحصان تعلوا ابتسامة على شفتيه، فنزل طلحة المكي للاستراحة، فسمع أذنه همائم الناس وهم يقولون» من هو؟» فبعضهم يستجيب للسؤال «لعله مسافر! وهو غريب» فلا يلتفت طلحة على هواء الذي يتنفس به وإلى نور تهتدي به، حتى تناول الطعام فأكل شبعا منه، لأن شدة الجوع قرقر البطن، فسمع طلحة ضحكة من الناس وهم يتشاورون عن حرص طلحة للطعام، قال رجل منه بصوت عال «إن طلحة قد استأجر البطون من غيره» فاشتد الغضب للطلحة فسعرت عروقه من الغضب، فتأمل في قول الرجل فوجد غاية البث في قلبه.

حتى هذب إلى نوم الشباب، وأخذ الكوخ، وسقط في ثبات عميق، حتى مضى الليل إلا أقله واستيقظ طلحة المكي من النوم قبل إتمام النوم، لأن قول هذا الرجل يلتطم في قلبه، مضى ذات ليل مفكرا في قول الرجل، حتى ضاق قلبه غيظا وغضبا، وبلغ صدره في غاية الفكرة، وهذه الفكرة قد أوجده إلى قول محبوبته، وهي جارية يتعلق بها كلما أمكنه الفرصة، فشغل في تعلقها بحبه إليها، وهذا قد صاد إلى اشتغال فيها عن جزء كبير من اهتماماته.

فجأة، سمع طلحة صوت عظيم يرتفع من أقصى المدينة «من يساعدني.. ومن يرحمني..» فهذب طلحة إلى مكان لا يعرفه ويرفع منه صوت عظيم.

قد سرق بهيمة الليل نظره، بل فر إلى مكان عالي الصوت، فرأى رجلا سقط على بيته شجرة في بهيمة الليل، فأخذ الشجرة من ذاته ونصره بقلب رحيم، ولن يرى الرجل لأن ظلمة الليل قد ستره، فإن بيته وماله وكل من ملكه خرب بشدة سقوط الشجرة، فأعطى طلحة في يده دراهم من دراهم التي أراده لسفره، حتى طلعت الشمس فعرف أن هذا الرجل شتمه قبل هذا اليوم.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال